مقالات الكتاب

اصنعوا لنا لاعبين

لا أعتقد أننا كروياً سنصل أسوأ من المستوى الذي نعيشه الآن، فبعيداً عن البطولات الخارجية للأندية والإنجازات الغائبة للمنتخب، وبعيداً عن التخبط الإداري التي تشهده رياضتنا، إلا أننا وفوق ذلك كله نعاني من شح في المواهب والأسماء الجديدة التي قد نعلق عليها آمالنا لإعادة حالنا إلى ماكان.
مع بدء تحول الكرة السعودية إلى الاحتراف في العام 1993 كان هناك تخوف (منطقي) من الانتقالات بين الأندية وهو أمرٌ مقبول لفرق تعايشت مع عالم الهواية سنوات طوال، وبعد سنوات قليلة بدأت الأندية الكبيرة تدعم صفوفها بنجوم دوليين من أندية تعاني مادياً، فلم يكن صعباً بأن تشتري عقد حارس المنتخب، ولم يكن من الصعوبة أن تكسب خدمات رأس الحربة في الأخضر، فيما ركزت إدارات أندية أخرى على تلبية طلبات مدربيها بسد الثغرات، فمن يعاني من مشكلة في مركز الظهير الأيسر كان يمكنه شراء عقد لاعبين في وقت واحد، ومن يعاني من مركز المحور يمكنه التجول في سوق اللاعبين واختيار الأفضل بسهولة.
عقب تلك المرحلة فرغت الأندية الصغيرة من نجومها تقريباً، فاتجهت الأندية الكبيرة لسوق الدرجة الأولى والبحث عن المواهب المغمورة هناك، ولم يكن في الأمور صعوبة لأن الأسماء الناجحة في الدرجات الدنيا كانت تحصل على بعض الأخبار في الصحف والترويج الإعلامي الذي يكفي لوصولها للأندية الكبيرة، شاهدنا مالك معاذ وماجد المرشدي وتيسير الجاسم وغيرهم ينتقلون من أندية الأولى للأندية الجماهيرية ثم إلى المنتخب الأول .. المواهب كانت تفرض نفسها وتختصر طريق النجومية في أشهر.
المرحلة الأخيرة كانت صراع الأندية الكبرى حيث أصبحت تأكل بعضها بعضاً ينتقل مهاجم من الاتحاد للشباب الذي ينتقل مهاجمه للهلال والذي ينتقل صانع لعبه للنصر وهكذا دون أن تمر صفقات من أندية صغيرة كما كان في الماضي.
اليوم حالنا أسوأ وأسوأ .. فالهلال مثلاً بحاجة إلى مهاجم محلي الشهر المقبل ولكن لا توجد موهبة في الهجوم يمكن المنافسة عليها واقتناصها حتى ولو من الدرجة الأولى، الاتحاد يعاني من مركز حراسة المرمى وسيقع في المشكلة ذاتها .. وغيرهم من الأندية ربما باستثناء النصر، لكن الفارق هذه المرة بأن السوق لا تحتمل المزيد، لا توجد عروض .. لا توجد مواهب .. لا توجد نجوم.
هذه الدورة التي استغرقنا نحو ٢٠ عاماً لنعيش فصولها في رأيي بأنها ستعود لنا من نقطة الصفر، ستعلم الأندية أن لا مواهب في سوق الانتقالات تستحق الشراء أو الدخول في منافسات بمبالغ ضخمة لإغراء نجم آخر، سيحتم عليها الصرف على مشاريع البناء للدرجات المختلفة وفتح قنوات جديدة لالتقاط المواهب (صغيرة العمر) التي لم نعد نشاهدها في ملاعب الحواري.
مبالغ الرعاية التي تتقاضاها الأندية يجب أن يفرض عليها نسبة سنوية من مدخولها العام للدرجات السنية من قبل (رعاية الشباب) أو تخصم من الإعانات السنوية، ميزانيات الأندية ترتفع عاماً بعد آخر ومصاريفها تزيد على أجهزة التدريب وعقود اللاعبين الأجانب، فيما نحن نخسر الواقع والمستقبل .. لا نجوم ولا مواهب يرجى منها في تقديم انجاز أو حتى الطموح بالانتقال لفرق في إحدى الدوريات الأوروبية.
بعد كأس آسيا وضجيج كوزمين وتدريبه، يجب أن نجلس يوماً على طاولة نرسم فيها مستقبلنا ونهتم للبناء ولا نعتمد على (الجاهز) !

نقلاً عن العربية.نت

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى