عقدة الإنكليز تتواصل أوروبياً

استقدموا أفضل المدربين، ودفعوا مبالغ خُرافية لأمهر اللاعبين، ونجحوا في صناعة الفرجة بما اتسمت به بطولتهم من تنافس وقوّة، ومع هذا لم يفهموا لماذا يسقطون قبل الربع الأخير من الدوري الأوروبي الواحد بعد الآخر؟
ما أحدث عقدة لدى المشرفين على أعرق الدوريات في العالم. فلا اليونايتد ولا السيتي ولا الأرسنال ولا تشلسي ولا ليفربول ولا توتنهام تمكّن من بلوغ المربع الذهبي، ممّا جعلهم يتساءلون كيف لدوريّ متواضع مثل فرنسا ينجح في مزاحمة الكبار، وحتّى بعض أندية أوروبا الشرقيّة التي كسرت حاجز الخوف وصارت تمارس النديّة مع الإسبان والطليان.
لا يختلف اثنان في أنّ الإنكليز فرضوا سطوتهم في أوروبا في الستينات والسبعينات وحتى الثمانينات، لكنّهم منذ مأساة ملعب هايسل 1985 في نهائي يوفنتوس وليفربول وموت عدد كبير من الجمهور بفعل سلوك «الهوليغانز» الإنكليزي، وإعلان المرأة الحديدية تاتشر إخراج النوادي الإنكليزية من مسابقات الاتحاد الأوروبي عقاباً لجمهورها، فإنّ ذلك أثّر بصورة نفسية على أداء الفرق لاحقاً، ولم يعد لها ذلك الحضور القويّ والمميّز، وأخذت الفرق الإيطالية والألمانية والإسبانية موقع الصدارة، وإذا ما تمكّن فريق إنكليزي من الفوز بلقب أوروبي، فإنّ ذلك يعتبر حدثاً غير عادي، خصوصاً بعد أن دخل رجال المال والأعمال سوق شراء الأندية وضخ الكثير من الأموال لجلب لاعبين مميزين ومدربين مقتدرين، مثل تشلسي وأرسنال، إلاّ أنّ المشكلة تظل قائمة بالنسبة لمنظومة الكرة الإنكليزية، وليس هناك من ينجح في فك الشفرة، وإزالة عقدة بلوغ الدور الأخير.
يظلّ السير أليكس فيرغسون رمز التحدي في الكرة الإنكليزية، وصانع النجوم، ومثير هواجس البحث عن الألقاب، يظل مرجعاً في القدرة على بناء فرق تنافسية عالية الأداء، ولكن منذ تقاعده ومجيء جيل من المدربين الأجانب، وهو ما لا يستحبه الإنكليز، فإنّ الأمر أصبح مفيداً على الصعيد المحليّ ورفع درجة الإثارة في حيازة اللقب والكأس، لكن ذلك لم يذهب بعيداً في التنافس على المستوى الأوروبي.
لا مورينيو ولا فينغر ولا بليغريني فكّوا العقدة المستعصيّة، بينما تمكّن مدربون متواضعون من لعب أدوار متقدمة في المنافسة الأوروبيّة، بينما تواصل وسائل الإعلام الإنكليزية الكتابة بالخناجر متهمة المشرفين على الكرة ورؤساء الأندية بالعجز والفشل والخنوع، بينما يقول الخبراء على الإنكليز أن يتخلصوا من الفكرة السائدة، أنّهم أفضل الأوروبيين كما يفعلون في السياسة، بينما هم يتقهقرون على هذا الصعيد، أما اللاعبون فكثيراً منهم، وخصوصاً التواقون إلى الألقاب، يبحثون عن فرق يحققون فيها أحلامهم، كما هو الشأن بالنسبة لغاريث بل، الذي لو لم يغادر توتنهام ما كان ينال ما يناله في عامين، بينما يغازل لاعبون كثر أندية إسبانية أو ألمانية للوصول إلى مرتبة كبار القارة.
انهارت الإمبراطورية الكروية الإنكليزيّة، لتصعد الإسبانية بأنديتها القويّة، برشلونة والريال وإشبيلية والأتلتيكو، وهي التي أضحى بلوغها الأدوار النهائية أمراً عادياً جداً.
ولا شك أن مورينيو ندم لمغادرة الريال، وأن فينغر يحلم بتدريب برشلونة، وأنّ بليغريني يأمل في استعادة حضوره في الدوري الإسباني، فمتى يخرج الإنكليز من شرنقة نحن الأقوى، التي مضى عليها ربع قرن؟
*نقلا عن الحياة اللندنية