مصطفى الأغا يكتب عن .. (عملاقا جدة)

يحق لمدينة جدة السعودية أن تفخر لوجود ناديين عملاقين فيها هما الاتحاد والأهلي، كما يحق للرياض أن تفخر كذلك لوجود ثلاثة أندية وليس اثنين، وهم الهلال والنصر والشباب، ولكني سأتحدث اليوم ليس عن الأهلي والاتحاد، بل عن مدربي الفريقين، وهما الروماني بيتوركا والسويسري جروس.
فمن دون أي نقاش ومهما كانت النتائج يبقى هذان المدربان هما من أفضل ما مر على الملاعب السعودية والعربية على رغم وجود أسماء تاريخية أقلها كارلوس آلبرتو باريرا ومعلمه زاغالو.
وبغض النظر عن رأي بعض الجماهير المتسرعة، والتي تريد فقط نتائج آنية ولا تفكر بالبناء أو بشخصية المدرب، وكل همها أن فريقهم فاز على الفريق الفلاني أو العلاني أو تحكم على المدرب من خلال علاقته بلاعب وجعله أساسياً أو احتياطاً، كما يحدث الآن مع بيتوركا ونور ووقوف البعض مباشرة ضد المدرب ووصفه بالمتعنت، وأنه (يعبث بتاريخ الاتحاد) ناسين أو متناسين أنه مدرب محترف يريد مصلحة فريقه، ولا أعتقد أنه جاء بعقلية طفولية ليعاند نور أو غير نور والأكيد أنه لا يتصرف من فراغ وله أسبابه، وهناك إدارة تساند مدربها فيما يفعل ونور نفسه لم يتحدث بكلمة علانية عن مدربه، والرجل مثل جروس هادئ جداً ويعرف كيف يقود مجموعته بحزم وذكاء ويتشارك الاثنان بقلة الابتسام والكلام وبسيرة ذاتية كبيرة، والأهم من السيرة الذاتية هي القراءة العميقة لأوضاع نادييَهما أولاً ولاعبيهما ثانياً والمنافسين ثالثاً والتعامل مع الظروف كما هي من دون طلب ما هو فوق المقدرة، علماً بأن الكثير من المدربين القادمين من أوروبا يعتقدون أن أنديتنا (بنوك متنقلة) وأنهم في (منطقة الخليج النفطية) وبالتالي فيمكنهم طلب ما يشاؤون، وهو ما لم ألاحظه في هذا الثنائي لا بل إنني أعلم تماماً بأن بيتوركا حاول تخفيف الأعباء عن ناديه، عندما جاء بالمحترفين زوكالا وسان مارتين بعد استخدامه لعلاقاته الشخصية مع رئيس نادي ستيوا بوخاريست.
وأعتقد أن أجمل ما في المدربيَن أنهما لا يُجاملان، والدليل أن بيتوركا تحدث لنا بصراحة مطلقة عن واقع المنشآت والمرافق الرياضية، وأنها من دون المتوقع، لا بل وصف بعضها بالسيئ، وقال إن الدوري السعودي إلى الآن ليس دورياً قوياً وأن مشكلة اللاعب السعودي هي عدم الانضباطية إضافة إلى عدم وجود أسماء كبيرة تتولى تدريب الفئات السنية.
مثل هؤلاء المدربين يجب أن نستفيد منهم ومن تجاربهم وألا تكون أحكامنا محصورة فقط بنتائجهم الآنية.
نقلاً عن صحيفة الحياة